قبل ثلاثة أعوام وعشرة أيام، كانت هناك 94 مليون يورو تخرج من حسابات نادي
ريال مدريد ليتم إيداعها في رصيد نادي مانشستر يونايتد. وفي مثل هذا الشهر
كان هناك احتفالا اسطوريا في استاد سانتياغو برنابيو لاستقبال النجم الأغلى
في العالم البرتغالي كريستيانو رونالدو.
واليوم، وفي الشهر نفسه ايضا وقف الاسطورة اوزيبيو والنجم لويس فيغو
يصفقان لرونالدو بعد تسجيله الهدف الوحيد للمنتخب البرتغالي في مرمى نظيره
التشيكي والذي كان كافياً لتأهل "برازيل اوروبا" الى نصف نهائي كأس الامم
الاوروبية المقامة في بولندا وأوكرانيا.
فمن الاداء المخيب أمام المانيا في المباراة الاولى، مروراً بمرحلة العودة
التدريجية أمام الدانمارك، إنطلق رونالدو وسجل هدفين في مرمى هولندا ساهما
بتأهل البرتغال الى ربع النهائي ثم أضاف ثالثاً كان بمثابة تأشيرة المرور
الى دور الأربعة.
لكن تألق "كريستي" ليس جديداً أو مستغرباً وإلا لما كان النادي الملكي
يدفع عشرات الملايين من أجله، لذا فإن حكايتنا اليوم هي من نوع آخر ولا
تتعلق بالحديث عن إنجازات أو بطولات، إنما عن السر الحقيقي لهذا الحماس
"الشرس" في اداء رونالدو والفرحة "الجنونية" لهذا اللاعب مع كل هدف يسجله.
في هذا العالم الكبير اختُصرت كرة القدم بالمنافسة المحتدمة بين فريقي
برشلونة وريال مدريد، لكنها أيضاً أخذت بعداً أكبر ومتابعة أدق لأفضل نجمين
في عالم المستديرة وهما الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو
رونالدو.
لاعبان من الطراز الرائع بينهما الكثير من التناقضات، لكن يجمعهما أمر وحيد وهو الصراع الواضح للعيان على "الزعامة" والأفضلية.
هذا الصراع بدأت فصوله منذ قدوم كريستيانو رونالدو الى ريال مدريد وبروز
ميسي مع النادي الكاتالوني، فلا تجد بطولة محلية أو قارية إلا والمنافسة
محتدمة بين اللاعبين من أجل تسجيل الأهداف والبروز عن الآخر، وامتد هذا
الصراع ليصل إلى جائزة الكرة الذهبية التي يقدمها الاتحاد الدولي لكرة
القدم لأفضل لاعب في العام.
ففي الليغا الاسبانية أمطر اللاعبان شباك خصومهما بجميع "انواع الأهداف"،
فلا ركلة حرة او ركلة جزاء أو فرصة خطرة إلا وهناك ضرورة ليكونا ابطالها.
فسجل ميسي لبرشلونة 50 هدفاً مقابل 46 لرونالدو، وفي دوري ابطال اوروبا سجل
الارجنتيني 14 هدفاً مقابل 10 للبرتغالي،وفي كأس اسبانيا تساويا بثلاثة
اهداف لكل منهما.
وعندما انتهى الصراع المحلي والقاري أخذ الصراع مكاناً آخر لاسيما في
وسائل الإعلام وبدعم من زملاء اللاعبين، لكن التصريح الشهير للاعب
البرتغالي كان صورة واضحة عما وصلت اليه هذه المنافسة.
سئل كريستيانو رونالدو عن الفرق بينه وبين ميسي فأجاب إن الفرق واضح بين سيارة الفيراري والبورش.
ولم يتأخر رد ميسي، ففي اليوم نفسه الذي فشل فيه رونالدو في هز شباك
المانيا في اولى مباريات البرتغال في يورو2012، كان النجم الارجنتيني
يستقّل "سيارة البورش" ليهزّ شباك منتخب البرازيل بثلاثية رائعة في مباراة
ودية انتهت بفوز منتخب التانغو على السامبا 4-3.
ولاشك ان خبر الـ"هاتريك" لم يتأخر في الوصول الى مسامع رونالدو، ثم لاحت
في أفكاره صورة الكرة الذهبية التي سيحملها أحدهما في زيوريخ خلال حفل
الفيفا لاختيار أفضل لاعب لعام 2012، لذلك لم يتأخر رده ايضا على ملاعب
اوكرانيا وبولندا.
لكن الحقيقة التي يجب أن ندركها أن تنافس ميسي ورونالدو في أي موقع او
بطولة، هو متعة للمشاهد مهما اختلفت الميول أو الرغبات مع هذا اللاعب أو
ذاك.
وتبقى الإشارة إلى أن رونالدو سيكون أمام اختبار حقيقي في دور الأربعة،
ولاشك ان البرتغال القت حملها كله على كتفيه ..فهل يكون على قدر المسؤولية؟